الثلاثاء، 20 ديسمبر 2011

4)) قبل الحكم على الشيء : ابحث في ماضيه ومستقبله !!..

إن الحكم الآني واللحظي على ما يراه الإنسان أمامه في الكثير من المواقف والأشياء والأشخاص :
هو أحد أكبر أسباب الخطأ كذلك !!..

فأنت عندما ترى مثلا ًرجلا ًممسكا ًبطفل ٍيُعلقه من قدميه ويضربه على ظهره :
فقبل أن تتعجل الحكم : فقد يكون الطفل ابتلع شيئا ًقد يقتله : والرجل يحاول إنقاذه !!..

وأنت أيضا ًعندما ترى مظلوما ًيقتص من ظالمه :
فلو لم تكن تعرف ما فعله الظالم به أولا ً: لوصفت ذلك المظلوم بالتعدي !!..

والشاهد : أن الحكم الآني أو اللحظي على الأشياء : يجب ألا يقف على حدود الظاهر بل :
يتعداه لما سبقه : أو لما سيأتي بعده أيضا ً.. 
وعليه : فقد تتغير رؤيتنا (( تماما ًللأمور )) ..
وإليكم أمثلة ًلوجوب النظر للماضي قبل الحكم .. ويليها أمثلة ٌلوجوب النظر للمستقبل :

>>> الأول :
توقف المترو ..
دخل رجل ٌبأطفاله الثلاثة وجلس ..
الأولاد يعبثون في كل شيء ..
يجرون ويضحكون ويلعبون وسط عربة المترو : وقد يؤذون الناس أو حتى : يؤذون أنفسهم ..!
راكبو المترو بدأوا ينظرون للرجل نظرات استهجان وغيظ !!..
فكلمة واحدة منه : ستحمل أطفاله على الجلوس بأدب ..!
الأمر يتزايد : ويبدو على الأب عدم الاكتراث تماما ًلما يحدث : مما زاد نظرات الناس استنكارا ً!
وأخيرا ً:
ذهب أحد الراكبين إليه يوبخه قائلا ً: 
يا هذا : ألا ترى ما يفعل أطفالك الصغار ؟!.. ألا تشعر بنا أو بهم ؟!!.. ألا ترى ما قد يقع 
بسببهم من الأذى لنا أو لهم ؟!!.. 
فانتبه الرجل فجأة على هذا الكلام : وبدا أنه كان غارقا ًبالفعل في تفكير عميق ..
ثم تنهد في ألم ٍقائلا ً:
أعتذر يا أستاذ .. ولكن أم هؤلاء الأطفال زوجتي قد ماتت في المستشفى منذ ساعات !!!.. 
ولا أعرف كيف سأشرح للأطفال هذا ؟!.. ولا أعرف كيف سأتصرف معهم ؟!!..
وأعتقد أنهم لو سكتوا : لبدأوا في سؤالي بما لا طاقة لي ولا علم بإجابته !!..
أعتذر إليكم مرة ثانية ...
وعلى الفور ..
انقلبت عيون الراكبين الذين حوله في عربة المترو : إلى عيون مشفقين ؟!!..
بل : وراحوا يواسونه ويُفكرون معه ويقترحون له الحلول ويُشاركونه في مشكلته !!!..
ولم يطلب أحدهم من الأطفال الجلوس أو الكف عن اللعب !!..

وإليكم مثال ٌآخر ٌلرجل قروي عجوز : يعيش في أقاصي الشمال في أسيا .. 
حيث الصقيع الرهيب في الشتاء ..
وفي أثناء عودته يوما ًمن الغابة على عربته ودابته .. وجد امرأة ًتحمل طفلا ًإلى صدرها تدفئه :
وتطلب المساعدة بالتوصيل .. فوافق الرجل .. ولكنه نصحها بالحركة باستمرار أو التحدث
معه 
: حتى لا تتجمد وهي لا تدري .. 
فوافقت المرأة .. ولكنها رغم ذلك بدأت تستسلم للصمت والسكون : حتى سمع الرجل
صوت اصطكاك أسنانها عاليا ً!!.. فعلم أنها ستتجمد منه لا محالة وتموت ..
فالتفت الرجل القروي العجوز إليها فجأة : فخطف من حضنها الطفل : ثم دفعها خارج العربة :
ثم جعل يعدو بدابته وعربته : والمرأة تعدو خلفه مذهولة : تارة ًتشتمه : وتارة ًتسترحمه !!..
وهي تسيء به الظنون كلها ..
وبعد دقائق :
توقف الرجل القروي العجوز ليحملها معه ..
وأخبرها أنه ما فعل ذلك إلا : ليدفأ جسدها مع الحركة السريعة والجري !!..
وبالفعل هذا ما كان !!..
فشكرته المرأة وقد علمت انه أنقذها للتو من غيبوبة موت محققة متجمدة !!!..

والشاهد :
أن الحكم على الرجل ذو الأطفال الثلاثة : اختلف بعد معرفة ما سبق ركوبه لعربة المترو من
حدث موت زوجته الأليم 
!!..
وكذلك الحكم على الرجل القروي العجوز وقت أن خطف الطفل من حضن أمه ودفعها خارج
عربته : اختلف حتما ًبعد معرفة الموت المحقق الذي كانت تستسلم له ببطيء وهي لا تدري قبل
ذلك بدقائق 
!!!..

>>> الثاني :
وهو وجوب النظرة المستقبلية للأشياء : قبل الحكم الآني واللحظي عليها ..
ولذلك أمثلة ٌكثيرة ٌهو الآخر : يصعب حصرها ..
فالزنا : ورغم لذته الآنية واللحظية : إلا أن التفكير العقلاني في عواقبه على جميع المستويات :
يُغير حتما ًنظرة العاقل إليه !!!.. 
وكذلك الظلم !!..
وكذلك الخيانة !!..
وكذلك الإلحاد واللادينية !!..
وكذلك العلمانية والليبرالية !!..
فيمكن النظر لعواقب كل ذلك فيمَن سبقنا إليه من الأشخاص والأمم : وما جناها عليها من
مشاكل ومصائب وخسائر متنوعة !!..
وأما الحكم على الإسلام بالنظر في مستقبله :
فالإسلام عندما تم تطبيقه في حياة المسلمين : نهض بهم وجعلهم في مصاف أمم الأرض قرونا ً!
وعندما فتحت الأمم والبلاد أبوابها له طوعا ًأو كرها ً:
نفت عنها خبث الشرك والوثنية والظلم والاستبداد والوحشية والكهنوت والغش والخيانة !!!..
وهذا ليس كلامي ..
ومَن أراد التأكد : فليأخذ جولة ًفي أول رابطين من مواضيعي في توقيعي في الأسفل ..
ولذلك :
فالحكم على الإسلام في المستقبل : ينبغي أن يكون على الإسلام فعلا ً: وليس على ما تم تشويهه 
منه : أو الحول دون المسلمين عنه : أو أخطاء الافراد المسلمين فيه !!..
فنحن عندما نحكم مثلا ًعلى العلمانية والليبرالية : نحكم على جنسها نفسه وقواعدها وأسسها
وقوانينها ومبادئها 
: وليس على أفرادها .. وكذلك الإسلام .. وكذلك كل مذهب أو دين ..

يُـتبع إن شاء الله ..

الزوار