الاثنين، 19 سبتمبر 2011

أقوال المنصفين عن تشويه صورة الإسلام لدى الغرب ...

1...
في كتاب (تراث الإسلام ص 33) والذي اشترك في تأليفه مجموعة من الباحثين والدارسين الغربيين بإشراف المستشرق (جوزيف شاخت : وترجمه إلى العربية د. محمد زهير السمهوري : وحققه وعلق عليه د. شاكر مصطفى) : يقول فيه المستشرق الباحث (مكسيم رودنسون) في الفصل الأول :
" لقد أوجدت الحروب الصليبية حاجة كبيرة وملحة للحصول على صورة كاملة ومُسلية ومُرضية لأيديولوجية الخصوم. وكان رجل الشارع الأوربي يرغب في صورة تبين الصفة الكريهة للإسلام عن طريق تمثيله بشكل فج، على أن تكون في الوقت ذاته مرسومة بشكل يرضي الذوق الأدبي الميال إلى كل ما هو غريب، وهو ميل يشكل سمة بارزة في جميع الأعمال في ذلك الوقت.
كان الشخص العادي يريد صورة لأبرز السمات العريبة التي أدهشت الصليبيين في تعاملهم مع المسلمين
وهكذا حدث أن الكتاب اللاتينيين الذين أخذوا بين عامي 1100 : 1140 م على عاتقهم إشباع هذه الحاجة لدى الإنسان العامي؛ أخذوا يوجهون اهتمامهم نحو حياة محمد دون أي اعتبار للدقة، فأطلقوا العنان (لجهل الخيال المنتصر)  وكما جاء في كلمات ر. و. ساوثرن فكان محمد في عرفهم ساحراً هدم الكنيسة في إفريقية وفي الشرق عن طريق السحر والخديعة! وضمن نجاحه بأن أباح الاتصالات الجنسية المحرمة !!..
واستُعملت أساطير من الفولكلور العالمي، ومن الأدب الكلاسيكي، ومن القصص البيزنطية عن الإسلام، وحتى من المصادر الإسلاميةبعد تشويهٍ باطل من قِبل النصارى الشرقيينكل هذه الأشياء استخدمت لتزيين الصورة !!..
يحدثنا فيعترف ساوثرن أن جيلبرت دونوجنت بأنه لا يوجد لديه مصادر مكتوبة، وأشار فقط إلى آراء العامة، وأنه لا يوجد لديه أي وسيلة للتمييز بين الخطأ والصواب !!.. وكما هو الحال دائماً؛ فإن الرؤية ترسمها الأعمال التي تخاطب عامة الناس؛ لا بد أنها قد أسهمت في تكوين الصورة التي حفظتها الأجيال اللاحقة؛ أكثر من الرؤية التي تبينها الأعمال ذات الصبغة الجدية والعلمية. ولقد قدر لهذه الصورة أن تزداد زخرفاً في الكثير من الأعمال الأدبية؛ فقد اختطت الروايات المحضة التي كان هدفها الوحيد إثارة اهتمام القارئ على نِسبٍ متفاوتة؛ بالعرض المشوه للعقيدة التي ألهبت حقد العدو. ووصلت الملاحم إلى أعلى ذرى الابتكارات الخيالية؛ فقد اتهم المسلمون بعبادة الأوثان.. وكانفي عرف تلك الملاحممحمد هو صنمهم الرئيس، وكان معظم الشعراء الجوالة يعتبرونه كبير آلهة الشرقيين، وكانت تماثيله – حسب أقوالهم – تصنع من مواد غنية وذات أحجام هائلة " !!..
ثم يقول أيضا ًص 38 :
وهكذا منذ فترة ما بين القرنين العاشر والثالث عشر الميلاديين التي شهدت ترجمة الكثير من العلوم عن اللغة العربية أخذت تتشكل في أذهان المفكرين الغربيين صورة أخرى للعالم الإسلامي بوصفه مهداً لفلاسفة عظام. وكانت الصورة مضادة تماماً للصورة السابقة؛ صورة الكيان السياسي الذي يسيطر عليه دين مُعادٍ ومغلوط، وهي الصورة التي خلقتها الخرافات السخيفة والكريهة في أذهان الناس. وكان من الصعب التوفيق بين هاتين الصورتين " !!.. 
ثم يقول ص 45 :
ففي بداية القرن الرابع عشر الميلادي أخرج دانتي من الجحيم والنار كلاً من ابن سينا وابن رشد وصلاح الدين ووضعهم في المطهر (ودانتي هذا من أشهر شعراء وأدباء أوروبا : وقد كتب قصة تخيلية عن الجحيم والنار ووصفها ووصف من فيها) ، حيث هؤلاء عنده كانوا هم المحدَثون الوحيدون الذين انضموا إلى حكماء العالم القديم وأبطاله (أقول : مع تحفظاتنا الكثيرة على فلسفة ابن سينا وابن رشد وخصوصا ًالمتعلقة بالذات الإلهية) !!..
وفي عام 1312 م صادق مجلس فيينا على أفكار روجر بيكون وريموند ليل : بخصوص تعلم اللغات وبخاصة اللغة العربية " !!.. 

(ملحوظة) :
(روجر بيكون) 1235 : 1294 م إنجليزي تلقى علومه في أكسفورد وباريس حيث نال الدكتوراه في اللاهوت، ترجم عن العربية كتاب (مرآة الكيمياء). 
وأما (ريموند ليل) 1235 : 1314 م : فقد قضى تسع سنوات 1266 : 1275 م في تعلم اللغة العربية ودراسة القرآن، ثم قصد بابا روما وطالبه بإنشاء كليات تدرس اللغة العربية لتخريج مستشرقين قادرين على : محاربة الإسلام !!.. ووافقه البابا !!..
وفي مؤتمر فيينا سنة 1312 م تم إنشاء كراس للغة العربية في خمس جامعات أوربية هي : 
باريس أكسفورد يولونيا بإيطاليةسلمنكا بإسبانية بالإضافة إلى جامعة البابوية في روما !!..

ثم يواصل (رودنسون) كلامه في ص 55 وما بعدها :
في القرن السابع عشر انبرى كثير من الكتابالغربيين للدفاع عن الإسلام ضد الإجحاف الذي ناله في العصور الوسطى، وضد مجادلات المتنقصين من قدره، وأثبتوا قيمة وإخلاص التقوى الإسلامية.. وكان ريشار سيمون أحد هؤلاء الكتاب، فقد كان كاثوليكياً مخلصاً، لكن سلامة تكوينه العلمي جعلته يكافح ضد التحريف المتزمت للحقائق الموضوعية.. ولقد عالج في كتابه (التاريخ النقدي لعقائد وعادات أمم الشرق) عام 1684 م عادات وطقوس النصارى الشرقيين أولاً، ثم عادات وطقوس المسلمين، وقد عرضها بوضوح واتزان، مستنداً إلى كتاب لأحد فقهاء المسلمين، دونما قدح أو انتقاص. وكان يُظهر التقدير وحتى الإعجاب بهذه العادات، وعندما اتهمه أرنولد بأنه كان موضوعياً أكثر من اللازم نحو الإسلام، نصحه بأن يتأمل (التعاليم الرائعة) للأخلاقيين الإسلاميين.
ثم جاء المستشرق أ. رولاند الذي كان أعمق تخصصاً في الإسلاميات من سيمون، فكتب عام 1705 م عن الإسلام من وجهة نظر موضوعية بالاستناد إلى مصادر إسلامية فقط.
وكتب الفيلسوف بيير بيل، وهو من المعجبين بالتسامح الإسلامي، في الطبعة الأولى من القاموس النقدي 1697 م عن حياة محمد بموضوعية !!..
وانتقل الجيل التالي من الموضوعية إلى مرحلة الإعجاب؛ فقد استشهد (بيل) وكثيرون غيره بتسامح الإمبراطورية العثمانية إزاء جميع أنواع الأقليات الدينية.. فكان ينظر إلى الإسلام كدين عقلاني بعيد كل البعد عن العقائد النصرانية المخالفة للعقل.. ثم إنه وفق بين الدعوة إلى حياة أخلاقية وبين حاجات الجسد والحواس والحياة في المجتمع. وخلاصة القول فهو كدين كان قريباً جداً من الدين الطبيعي الذي كان يعتقد به معظم (رجال عصر التنوير)..
في هذا الاتجاه كان (ليبنيز) يفكر. ثم ظهر كاتب مجهول لكراس يحمل عنواناً فيه الكثير من التحدي (محمد ليس دجالاً) عام 1720 م. وتلاه (هنري دوبولينفييه) الذي نشر كتاباً دفاعياً بعنوان (حياة محمد) عام 1730 م. وتبع ذلك (فولتير) وهو معجب بالحضارة الإسلامية " !!.. 
 < وقد ألَّف فولتير بالفعل كتابه محمد 1742 م وكان متردداً فيه بين الدفاع والتحامل >

ويستمر (رودنسون) في هذا الفصل الذي كتبه :
باستعراض الكتَّاب والكتب التي تابعت مسيرة الدفاع عن نبي الإسلام وحضارة الإسلام حتى نهاية القرن الثامن عشر.. وحيث ظهر بين القرنين الثامن عشر والتاسع عشر (غوته) الألماني ..
يقول (رودنسون) في ذلك ص 61 
فأشعار غوته التي يمجد فيه محمداً، وبخاصة (أنشودة محمد) عام 1774 م يفوق في شاعريته كثيراً كتاب فولتير محمد عام 1742 م .. وبعد أكثر من أربعين عاماً؛ في سنة 1819 م كتب (غوته) ديوانه الشرقي الغربي برسائله الاثنتي عشرة؛ وبمقدمته التي تحمل دعوة إلى الهجرة إلى الشرق، وبشروحه وتعليقاته التي تدل على معرفة واسعة بالشرق " !!.. ثم يقول ص 63 :
يمكن القول بصورة عامة إن العلماء في القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين كان يزيد ضررهم على نفعهم، وذلك لتأثرهم بالأحكام المغرضة الشائعة لا بالعلم " !!.. 
ثم يفسر ذلك بقوله ص 69 :
عزا المبشرون النصارى نجاحات الأمم الأوربية إلى الديانة النصرانية، مثلما عزوا إخفاق العالم الإسلامي إلى الإسلام، فصُورت النصرانية على أنها بطبيعتها ملائمة للتقدم، وقرن الإسلام بالركود الثقافي والتخلف، وأصبح الهجوم على الإسلام على أشد ما يكون، وبُعثت حجج العصور الوسطى بعد أن أضيفت إليها زخارف عصرية، وصُورت الجماعات الدينية الإسلامية بصورة خاصة على أنها شبكة من التنظيمات الخطرة يغذيها حقد بربري على الحضارة " !!.. 
إلى أن قال في نفس الصفحة السابقة والتي تليها :
كانت حركة الجامعة الإسلامية هي الغول المرعب في تلك الفترة.. فكانت كل ظاهرة مناهضة للإمبريالية حتى ولو كان مبعثها مشاعر محلية خالصة؛ تعزى إلى تلك الحركة الإسلامية.. وبفضل الصحافة والأدب الشعبيين وكتب الأطفال؛ أخذت هذه النظرة تتسرب إلى عقول الجماهير الغفيرة من الأوربيين، ولم تخلُ من تأثير في العلماء أنفسهم " !!.. 
ثم يقول (رودنسون) أخيراً ص 76 :
إن الثورة في التفكير الغربي.. التي ظهرت بعد الحرب العالمية الأولى جعلت التقييم النصراني لمحمد مسألة حساسة؛ فلم يعد بإمكانهم الزعم (الكاذب) بأنه (محتال شيطاني) كما كان عليه الحال في العصور الوسطى.. إننا نجد بعض الكاثوليك المتخصصين بالإسلام يعتبرونه (عبقرياً دينياً).. وعلى غرار ماسينيون أعجب بعض النصارى بالقيمة الروحية للتجارب الدينية الإسلامية، وأزعجتهم مواقف الظلم التاريخية التي وقفتها شعوبهم من الإسلام.. ويذهب مؤرخ مثل (نورمان دانييل) إلى حد النظر إلى أي انتقادات لمواقف النبي الأخلاقية؛ على أنها من بين المفاهيم المتشربة بروح العصور الوسطى أو الإمبريالية " !!.. 
(الإمبريالية : هي سياسة توسيع وسيطرة سلطة بلد ما : إلى ما عداها من البلدان)


2...
وأما المستشرق (درايبر) فقد لخص المشكلة برمتها نقلا ًعن كتاب (تشكيل العقل السليم ص 94 د. عماد الدين خليل) فقال :
ينبغي أن أنعي على الطريقة التي تحايل بها الأدب الأوربي ليخفي عن الأنظار مآثر المسلمين العلمية علينا! إن الظلم المبني على الحقد الديني والغرور الوطني؛ لا يمكن أن يستمر إلى الأبد " !!..


3...
وأما المستشرقة الألمانية (زيغريد هونكه) فقد أوجزت المشكلة بطريقة أخرى في كتابها (شمس الله تسطع على الغرب ص 10 : تعريب د. فؤاد حسنين علي : دار المعارف بمصر) فقالت : 
" إن موقف أوربة من العرب منذ نزول الوحي المحمدي موقف عدائي بعيد كل البعد عن االإنصاف والعدالة " !!.. 

4... 
ويقول الكاتب الفرنسي (موريس بوكاي) في كتابه (التوراة والإنجيل والقرآن والعلم ص 8 : دار الكندي : بيروت 1978) :
يظهر أن تغيراً جذرياً يتم في أيامنا على أعلى مستوى في العالم النصراني. والوثيقة التي صدرت عن أمانة الفاتيكان، ووزعت فيما بعد عن المجمع الفاتيكاني الثاني لغير النصارى، وفيها توجيهات للحوار بين النصارى والمسلمين (ملحوظة : عنوان الوثيقة هو : اتجاهات الحوار بين النصارى والمسلمين) وكانت ثالث طبعاتها بتاريخ 1970 م تشهد بعمق التغير في المواقف الرسمية !!..
وبعد أن دعت هذه الوثيقة إلى تنحية الصورة البالية الموروثة عن الماضي، أو المشوهة ببعض الأوهام والافتراءات التي كانت للنصارى عن الإسلام، أصرت على الاعتراف بأخطاء الماضي وانحرافاته التي اقترفها الغرب ذو النشأة النصرانية بحق المسلمين " !!.. 

ثم يعرض (بوكاي) مقتطفات من الوثيقة فيقول ص 107 :
تقول وثيقة الفاتيكانالسالفة الذكرينبغي التخلي عن الصورة الباهتة الموروثة عن الماضي، أو المشوهة بالمزاعم الباطلة والافتراءات، والاعتراف بالظلامات التي اجترحها الغرب بحق المسلمين " !!..
ثم يسوق (بوكاي) بعض الأمثلة التي توضح فحوى الوثيقة.. حتى يقول ص 109 :
 " وتقابل الوثيقة الفكرة الذائعة عن الإسلام بأنه دين التخويفالإرهاب بتلك التي تقول بأنه دين الحب، حب الغير؛ المتأصل في عقيدة الله. كما تفند الفكرة الرائجة باطلاً، والتي تهدف إلى وصم الإسلام بأنه خال من النظام الأخلاقي " !!..

ثم يقول أيضا ًفي نفس الصفحة :
تورد الوثيقة عبارات من القرآن توضح أن ما كان يترجمه الغربيون خطأ بـ (الحرب المقدسة) هو ما يعبر عنه في العربية (الجهاد في سبيل الله) الجهاد لنشر الإسلام والدفاع عنه ضد المعتدين، وتتابع الوثيقة الفاتيكانية فتقول: إن الجهاد ليسالخريم التوراتيولا يتجه إلى الإبادة أبداً، ولكن لنشر شرائع الله وحقوق الإنسان في المقاطعات الجديدة " !!..
ثم يختم (موريس بوكاي) قائلاً في ذات الصفحة أيضا ً: 
إن هذا الدفاع عن الإسلام من الفاتيكان سيدهش دونما ريب كثيراً من المعاصرين المؤمنين؛ سواء كانوا مسلمين أو يهوداً أو نصارى. إنه مظهر صدق وفكر منفتح يتناقض تماماً مع المواقف التي خلت " !!.. 

ملحوظة : منقول عن الأصل للأخ (محمد حسام الدين الخطيب) ..
ولتحميل ملف الوورد كامل : آراء غير المسلمين في النبي محمد والإسلام :
على الرابط التالي :

الزوار